أكد مصدر ميداني مطلع من داخل حي
الوعر المحاصر في مدينة
حمص، وسط
سوريا، أن الشريحة الموالية سرا لتنظيم الدولة في الحي، من مدنيين ومسلحين، ترفض اتفاق
الهدنة مع النظام السوري، مشيرا إلى إمكانية مغادرة هؤلاء الحي في حال بدأ تنفيذ بنود الاتفاق، ليقصدوا مدينة الرقة، أبرز معقل للتنظيم في سوريا.
وكان قد أعلن الثلاثاء عن اتفاق هدنة بين الفصائل المقاتلة في الحي المحاصر، وهو آخر معقل للثوار في مدينة حمص والنظام السوري، برعاية أممية. ويتضمن الاتفاق وقف إطلاق النار، وفتح المعابر لإدخال المواد الإغاثية، وخروج المقاتلين الرافضين للاتفاق بسلاحهم الفردي، إضافة إلى إعادة تشغيل المؤسسات الرسمية في الحي.
وقال "أبو مصطفى الحمصي"، وهو الاسم المستعار للمصدر الميداني، في حديث لـ"عربي21": "يوجد فئة من أبناء حي الوعر في حمص المدينة ممن يحملون السلاح هم من الموالين للتنظيم سرا دون مبايعة علنية له، وهم يتواصلون مع أمراء التنظيم وقادته العسكريين على الدوام"، مشيرا إلى أن هؤلاء "رفضوا قبول مشروع الهدنة في الحي، ويعزمون الخروج من الحي بأسلحتهم الفردية، ويطلق عليهم في الحي اسم أنصار التنظيم".
ويُعرف عن الموالين للتنظيم في الحي أنهم من العناصر المسلحة المستقلة فيه، ولا ينتمون لأي تشكيل عسكري مسلح في الحي، لكنهم لم يعلنوا مبايعتهم الرسمية له لسببين، بحسب المصدر، وهما "رفض التنظيم بيعتهم له وهم داخل
الحصار، حيث يجب أن يخرجوا إلى محافظة الرقة وهناك تتم البيعة، ومن ثم يعمل التنظيم على فرزهم إلى الجبهات أو أن ينتظروا وصول التنظيم إليهم، والسبب الآخر هو إمكانية نشوب معركة داخلية بينهم وبين جبهة النصرة، وحركة أحرار الشام الإسلامية في الحي إن أشهروا الولاء للتنظيم علانية، وبالتالي يمكن القضاء عليهم لقلة عددهم".
واستطرد الحمصي قائلا: "يقدر عدد هؤلاء الموالين للتنظيم في الحي بالعشرات، ولكنهم لا يرابطون على أي من الجبهات القتالية ضد النظام السوري، بل يعتبرون كخلايا ومجموعات بداخله، ينتظرون وصول تنظيم الدولة إلى الحي حتى يشهروا مبايعتهم له مباشرة".
وأشار الحمصي إلى أنه "مع انتهاء المفاوضات بين المعارضة السورية في الحي ونظام الأسد، سيخرج هؤلاء إلى خارجه؛ تحسبا لأي عمليات عسكرية قد تنفذ بحقهم"، متحدثا عما أسماه "اتفاقا ضمنيا" بين النظام والمعارضة بقتال هؤلاء المجموعات سوية في حال أعلنوا ولاءهم للتنظيم علانية.
وتحدث المصدر عن نشوب خلاف حاد بين أنصار التنظيم وحركة أحرار الشام الإسلامية في الحي، تزامنا مع توجه وفد المفاوضات المعارض لإتمام بنود الاتفاق مع النظام، حيث أقدم أحد عناصر الموالين لتنظيم الدولة على صفع قيادي في أحرار الشام، ليتطور الأمر بينهما إلى اشتباكات مسلحة أدت إلى مصرع عنصر وجرح آخرين.
وأكد وجود خلافات جوهرية بين الجانبين، حيث يرى أنصار التنظيم في الحي أن جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية وبقية تشكيلات الجيش الحر هم "صحوات"، على حد وصفه.
وكانت قد توصلت المعارضة السورية والنظام إلى اتفاق هدنة بين الجانبين، ينص على وقف كامل لإطلاق النار، ابتداء من مساء الأربعاء، عقب قراءة الاتفاق وشرحه بحضور رئيسة المكتب السياسي للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، خولة مطر، وسفير الأمم المتحدة في سوريا، يعقوب الحلو. وتم إقرار البدء بتنفيذ بنود الاتفاق، على أن يتم في اليوم التالي فتح الطرقات، وإدخال سيارات إغاثية إلى داخل الحي، والسماح للمنظمات الإنسانية بممارسة أعمالها، وتقديم المساعدات الإنسانية المختلفة العاجلة إلى الحي.
كما تشمل بنود الاتفاق، خروج حالات خاصة من الحي، إضافة إلى الرافضين للاتفاق بأعداد محدودة تم الاتفاق عليها. ولم يتم لحد اللحظة تحديد الوجهة، ولكن من المحتمل أن تكون ريف حماة أو ريف إدلب الخاضعين لسيطرة جيش الفتح، على أن يخرج المقاتلون بسلاحهم الفردي؛ لأنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية التي تقع عليهم أثناء فترة الهدنة، بحسب نشطاء الحي.
الاتفاق المنجز بين الجانبين، جاء عقب أكثر من عام من المفاوضات بينهما، لينتهي باجتماع على أعلى المستويات بين ممثلين عن النظام، وعلى رأسهم مدير المخابرات العامة اللواء ديب زيتون، ومحافظ حمص طلال البرازي، من جهة، وممثلين ووجهاء عن حي الوعر المحاصر، لتوقيع الهدنة العالقة منذ عام وأربعة أشهر بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة.